Eib | عيب

عن الحب والعلاقات وإحنا

شو هو الحب؟ وكيف بنتعامل معه كأجيال معاصرة على عكس جيل أهلنا واللي سبقوهم؟ وقديش بنقدر نحكي عنه؟ في...

نص الحلقة

 عن الحب والعلاقات وإحنا

 

حب، أيّا حب، وين الحب، ما في حب. حب يا حب يا حب. كيفك يا حب؟

"الحب في جزء كبير منه ذاتي وفي جزء كبير منه عطاء، لما واحد يكون بيصطفي لنفسه حب من حد تاني وبيمنح نفسه الحق إنه يدوب بهالحب وينتظر منه راحة وأمان وبناء ما، ما بيعمل هيك وبس، بيعمل هيك مع الشخص اللي حاسس إنه حينفع معاه هالشي. والموضوع فيه حسابات ذاتية جدًا، سواء في البدء أو في الانتهاء. وفي جزء من هاي الذاتية ممكن يكمل لما بعد العلاقة.

وفي نفس الوقت، التعلق ممكن يكون شيء جميل جدًا، بس موجع جدًا، وعميق ضارب في جذور الروح. إنك تخزن ذكريات مع حد، تقطرها وتحفظها وتكبرها وترجعلها حضن ودفا وفهم وارتياح.

وفي الخلاص من التعلق في طلوع روح من جسد، في وداع وفي احتمالات صعبة، في إعلان بإنه الذكريات هاي مش رح تكون الأهم، والحب هاد احتمال ما يكون الأهم، والحضن هاد مش رح يكون الحضن. وإنك رح تطلّع من بعيد، من الضفة التانية لنهر العلاقة وتقول ولااااااو/أووووف وتبتسم، بس تكمّل بحياتك واختياراتك الجديدة.

أنا فرح برقاوي.

ورح أقدملكم الموسم الرابع من بودكاست “عيب” من إنتاج “صوت”.

كلامي اللي سمعتوه بالأول، كان مقطع من رسالة كتبتها لحبيب سابق، رسالة عمري ما بعتتها.

بهاي اللحظة، مش متزكرة المناسبة اللي كتبت فيها الرسالة، وكمان مش متزكرة ليش قرّرت إني ما أبعتها. 

اللي متزكرته وما بنساه: هي المشاعر المكثّفة والمتناقضة اللي عشتها، شروق العلاقة وغروبها، وكل شي صار بالنص، واللي للمصادفة لقيت هالمقطع بيلخصّها، وكمان لقيته مفتاح إلي لأحكيلكم عن هاد الموسم من “عيب”.

بهالموسم رح نعيش مشاعر مكثّفة ومتناقضة.

رح نستكشف ونغوض بقصص وأفكار وتأملات عن الحب والعلاقات من واقعنا.

قصص ومشاعر وأفكار عشتيها أو عشتها أو عم بنعيشها بهاللحظة.

قصص وتفاصيل مش بالضرورة كل الناس بتحكي عنها، بعضها بتنشاف “غريبة” أو “مثيرة للجدل”، وبعضها يمكن بتنشاف “محرّمة” أو بكلمة واحدة "عيب”.
 

آه الحب. الحب فيه بقائي.

آه الحب. الحب فيه زوالي.

قلبٌ بغير غرامٍ جسمٌ من الروح خالٍ.

بهاي الحلقة اللي فيكم تعتبروها الأولى بهالموسم، بدّي أعترفلكن اعتراف.

لما اتفقت مع صوت إنه أشتغل على موضوع الحب والعلاقات، ما اتخيلت إني أدخّل حالي بورطة.

خلّوني أسميها ورطة قدريّة، يمكن لإنها إجت بوقت حاسة فيه شخصيًا بالهشاشة والارتباك تجاه الحب، وتحديدًا تجاه إني أكون بعلاقة.

فترة مهمة وصعبة وموجعة بنفس الوقت،

ومليانة تساؤلات ومراجعات داخلية،

واستعادة وفرز لمشاعر وأنماط عشتها بعلاقاتي وتجاربي الرومانسية السابقة. 

"مين أنا؟ ومع مين قادرة أكون؟ وبأي شكل علاقة؟ وقديش قادرة أعطي؟ وقديش قادرة أستقبل؟"

ولما خبّرت واحدة من صديقاتي عن هالورطة، تبسّمت وقالت لي:

“فرح، أنا حاسة إنه هادا بالضبط اللي إنتي محتاجيته هلأ، اطلعي برا اللي براسك وقلبك وشوفي شو مخبّى عند ناس تانية. اعتبريها جزء من رحلة التعافي”.

وهيك تورّطت. وقلت أورّطكم معي برحلة تأمل بالحب والعلاقات . عشان بعرف قديش كلنا بنمرق بشغلات كل الوقت، بس قلال كتير اللي بيطلعوا فعلاً برا راسهم وبشاركونا هالقصص. 

تعوا نحكي، ونسمع بعض.

ونشوف كيف الناس بتحكي عن علاقاتها، كيف بتأتئ، كيف بتسرح، كيف بتسكت، كيف بتتبسم بحزن، وكيف بتضحك بصوت عالي.

شو هو الحب؟

الأحاسيس المرتبطة بالحب موجودة بكل زمان ومكان. كل الناس بتعيشها وبتجربها بطرق مختلفة.

مجموعة من المشاعر القوية والمربكة اللي بتخلينا بأوقات كتير نعمل أشياء ما كنا رح نعملها لو ما كنا بنحب.

خلطة أو تركيبة بدرجات مختلفة ومتفاوتة من الشغف والأمان والاستقرار والالتزام والمغامرة والمتعة والخطر والجنون.

وعلى حسب الخلطة والظروف والأشخاص، الحب مرّات بيقوينا ومرّات بيكون عنده القدرة يهدّنا ويحولنا لكائنات ضعيفة كتير وهشّة.

بس في شي كتير مختلف عم بنعيشه كأجيال معاصرة عم بيحطّنا بموقف مختلف من الحب والعلاقات.

وهالشي دائمًا بيطرح عندي تساؤل: إنه شو معقول يكون صار للحب؟ أو شو صارلنا؟
 

قولي حاجة، أي حاجة، قول بحبك، قول كرهتك، قول قول، قول وما يهمّكش حاجة. قولي عايزك قولي بعتك، بس قولي أي حاجة، أي حاجة، يا حبيبي.

ما بعرف ليش ضلّت هاي الأغنية عالقة بمخيّلتي من وقت المراهقة، والفرجة على الأفلام بأوقات العطل.

مشهد/منظر عبد الحليم وهو واقف لحاله بيغني بالعتمة، بيترجّى حبيبته تقوله أي شيء حتى لو إنها بتكرهه، نموذج لصورة معيّنة عن الحب والعلاقات انتقلت إلنا من الأجيال الأقدم، واللي مرجعيتها بتعتمد بشكل أساسي على الأفلام والأغاني والثقافة المجتمعية السائدة، صورة محشورة بين الغرام والوعود الرومانسية والالتزام الأبدي أو الهجر والخيانة.

صورة شافها بعضنا بتتكسّر قدام عيونهم، عشان تجارب وكوارث عملوها أهالينا بعلاقاتهم، وبعضنا عملها بمحاولاتنا الأولى في الحب والارتباط.

بس المهم كمان، إنه إحنا كأجيال معاصرة عم بنعيش الحياة كلّها بشكل مختلف. عم بنعيش انفتاح وتواصل أكبر مع العالم بمعارفه وثقافاته وممارساته المتنوعة. عم بنشهد على ثورات وتغيّرات سياسية واجتماعية، عم تنمو معها تمرّداتنا الشخصية على المتوقع والمقدّر والمكتوب، شو ما كانت خلفياتنا الاقتصادية والاجتماعية.

صرنا نفكر أكثر من منطلق الحرية والاستقلالية. عم نتواصل بشكل مختلف، ونتحرك بشكل مختلف، ونعبر عن أنفسنا بشكل مختلف. وهيك، مع إنه الحب بيضل هوّ هوّ كشعور، بس ترجمة هالحب لعلاقات اختلفت، لإنه نظرتنا لحياتنا، وبالتالي لعلاقاتنا، بطّلت أمر مسلّم فيه. بطّل في قالب معين مفروض نعيش فيه حياتنا.

هلأ أكيد مش الكل قادرين يمارسوا قناعاتهم ورغباتهم وخيالاتهم بالحب والعلاقات لأسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية مختلفة،

وعلى الأغلب ممكن يكون التفكير بالحب نفسه رفاهية إلى حد ما عند كتير ناس، مش عم يعيشوا نوع من الحرية بيسمحلهم لإنهم يقولوا أنا بحب هاد الشخص وبدي علاقتي فيه تكون بهاد الشكل،

بس متل ما تكسّرت الصورة الموروثة عن الحب، عدد أكبر وأكبر مننا عم يكسروا القوالب النمطيّة. عم نفكر ونتساءل عن رغباتنا، وتفضيلاتنا، وخيالاتنا، وتوقعاتنا، وأجسامنا، وصحّتنا النفسية، وممارساتنا، وحدودنا الشخصية، وعم بنجرّب نعيش حياة وعلاقات أقرب لأزواقنا المتعددة ولكيف وعينا بيسمحلنا، سواء بالعلن وبراحتنا أو من خلال دوائر ضيقة أو حتى بالسر.

وهالشي على قد ما هو حلو على قد ما هو مربك داخل المجتمعات الأبوية والتمييزية اللي عايشين فيها، واللي لسه بنتفاوض معها على أبسط الحقوق والحريّات لجميع الأشخاص سواء على المستوى الفردي أو على مستوى العائلة أو مكان التعليم أو مكان العمل. مجتمعات لسه بتستغرب الممارسات المختلفة وبتحاول تقمعها بحجة المفروض والحرام والعيب.

لما بدأت أدوّر على ناس وقصص، أكتر شي انحكالي: "فرح… الموضوع سهل، قصص الحب معبية العالم".

وصحيح، القصص معبية الدنيا، بس الحكي عن الحب والعلاقات مش بهالسهولة. 

ممكن نحكي أحداث قصّة بحماس أو فرحة أو حزن واضحين، وأوقات بيكون الحكي فرصة كنا منتظرينها لنقول اللي عنا بصوت عالي، ونشاركه مع ناس تانيين، أقرباء وغرباء، متورّطين معنا أو متورّطين مثلنا بقصص مشابهة.

لكن التأمل بالمشاعر والأفعال بإطار هاي القصص، بيخلّينا بكتير أوقات نسرح ونرتبك، نراجع كلامنا أكثر من مرّة، وأوقات بيخلّينا نشوف أو نعترف بأشياء بتصرّفاتنا أو علاقاتنا يمكن ما بدنا نشوفها ولا نعترف فيها أو مش جاهزين إنه نحطّها تحت الضو.

الحكي عن علاقاتنا كمان مرتبط بمين عم يسمعنا؟ وشو تجربتهم؟ وكيف رح يسمعونا ويستقبلونا؟ وهل هيحكموا علينا لو كنا مختلفين عن المألوف شوي، أو كتير؟ 

وأنا بجمع القصص اللي رح أحكيلكم إياها بهالموسم، لقيت حالي عم بتخبّط أنا كمان. اكتملت الورطة. 

من جهة أنا الراوية اللي عم تنقل قصّص أشخاص تانيين، ومن جهة تانية أنا الإنسانة اللي ممكن تلاقي حالها بتفاصيل صغيرة أو كبيرة موجودة بالقصص.

ومن زاوية تالتة كنت أحيانًا الشاهدة على لحظات مراجعة ما بمسار بعض العلاقات، كنت الدخيلة اللي لقت حالها بدون قصد عم تعمل هزّة بالعلاقة لمجرّد إنها طلبت تسمع وتسجّل قصّة. طلب يبدو بسيط، إجابته نعم أو لأ، لكنه بأوقات كان بمثابة منبّه بين طرفين مش حاكيين كفاية عن علاقتهم، وبالتالي مش عارفين كيف يحكوا عنها إلي أو إلكم.

الحرب أسهل… الحب أصعب

تبدأ الموسيقى قبل تحت كلامي في المقطع الأخير

الحب مُحمّل بذكرياتنا؛ بنجاحنا وفشلنا، مُحمّل بخيالاتنا؛ البسيطة منها والجامحة، مرتبط بتربيتنا وتجربتنا ونُضجنا، برغباتنا وميولنا، بشو عشنا وبشو حابين نعيش ونكون، وبمستوى الحرية اللي قادرين نعيشها أو عالأقل نحارب باستماتة من أجلها. هوّ أكتر شي بيمسكنا وبيشرّحنا، وبيحطّنا بمواجهة مع نفسنا، وبيكشف عن هشاشتنا، وكمان عن أحلى ما فينا.

هاي كانت الحلقة الأولى من الموسم الرابع من بودكاست “عيب” من إنتاج صوت. 

بهالحلقة فتحت معكم الحديث عن الحب، وحكيتلكم شوية أفكار وتساؤلات بتشغلني عمومًا وواجهتني وأنا عم بشتغل على هالبودكاست.

وبالحلقات الجاي، رح نسمع قصص الناس وتجاربهم ومفاهيهم وتحليلاتهم عن الحب والعلاقات، ويمكن رح نوصل لبعض الإجابات عن حالنا وقصصنا الشخصية، بس الأهم إنه رح نفتح الباب لتساؤلاتنا وفضولنا اللي أوقات بتخنقه حياتنا اليومية ومشاغلنا، لإنه... شو هو الحب إلا رحلة تعلّم عن حالنا وعن العالم، بوقت بنجرب نعيش فيه ع زوقنا وبحريتنا جوّه مجتمع لسه عنده أحكام، وأشياء بيعتبرها “عيب”.

الأغاني اللي طلعت معنا بالحلقة بتلاقوا معلوماتها بالوصف المرفق

أخرج هالحلقة صوتياً تيسير قبّاني، حررتها وأشرفت على إنتاجها صابرين طه، وأنتجتها وقدمتلكم إياها، أنا فرح برقاوي.