الفيديو كليب

الفيديو كليب

للاستماع إلى بودكاست بعد أمس http://aj.audio/click بالحلقة الأولى من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك"...

نص الحلقة

مرحبا. أنا رنا داود وهيدا بودكاست دم تك.

ببداية السبعينات، بقرية فلسطينية قرب مدينة رام الله، كان سيدي (جدي) يحب ياخد قيلولة كل يوم بعد ما يرجع من فلاحِة أرضه، بس قبل ما يغفى كان يذكّر أهل البيت، أو يحذرهم: إذا بتيجي سميرة توفيق عالتلفزيون، فيّقوني أشوفها.

تلفزيون أبيض وأسود ١٤ بوصة، عليه محطتين بالشتا، و٣ بالصيف، كان مصدر سعادة جدّي، وبداية لتغيير كلّ طريقة إنتاج الموسيقى العربيَّة.

هيدا كان صوت لما رباح، كاتبة هالحلقة. 

مرحبا فيكم بالحلقة الأولى من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك". أنا رنا داود.

بالموسم الأول، قدمنالكم ١٠ قصص عن فنانات عربيَّات أنتجولنا مخزون موسيقي عظيم، من عزيزة جلال، لنهوند، ومنيرة المهدية، وغيرهن.

هالموسم رح يكون مختلف شوي. رح نستعرض أنواع موسيقى مثل البوب والروك والراي، ونروي قصص عن وجودها بالوطن العربي، وعن الفنانين اللي تبنوها من منطقتنا.

بالحلقة الأولى من الموسم الثاني لبودكاست دم تك، رح نروي حكاية الفيديو كليب، وكيف صرنا نشوف الموسيقى، مش بس نسمعها، وهاي حكاية طويلة، لهيك لازم نرجع بالزمن كثير لورا. تحديدًا لسنة ال ١٨٩٥.

هذا المقطع لفيديو من إحدى الحفلات الفخمة، بيدخل فيه الممثل W.E Ramsey على الغرفة بكل حماس كأنه عم يمشي مشية عسكرية، وبيقدّم اختراع الكينتوفون للجمهور لأول مرَّة.

كانت الموسيقى وقتها موجودة طبعًا، وموجود الكينتوسكوب... واللي هو جهاز مثل صندوق العجب، فيه شباك صغير بيوسع لعين واحدة، وبتشوف من خلاله شريط صور بيتحرَّك.

بس الكينتوفون الجديد الي ابتُكر في مختبر توماس إديسون، كان مثل السحر، الخدعة كانت بإنه قدر يدمج الصور المتحركة، بالتزامن مع الصوت. بَكرات وحبال بتربط أجهزة مختلفة ببعضها، أدهشت الجمهور وقتها… بس لفترة مؤقتة.

الجمهور بعد كم عرض، فهم الفكرة التقنية العجيبة، بس صار بده يشوف ويسمع مقاطع أطول، مشوقة أكثر، إلها معنى وقصة.

فماتت هالتجربة بهدوء… أو لنقول رجعت خلقت بشكل جديد.

ما ماتت تمامًا، لأنه الصور المتحركة صارت بالمحصلة سينما، والسينما فيها أغاني، ومن وقتها لهلا، سُجِّلت مئات الحفلات الحيّة في المسارح ودور الأوبرا على الكاميرات، الصورة صار صعب تنفصل عن الصوت…

لكن، ورغم ذلك، أغلب إنتاجات الموسيقى بقيت بالإذاعة، وصُنعت للإذاعة… 

انطلقت الإذاعة في الحقول، إلى أن كان التلفزيون.

في الستينيات  قرّرت الفرقة الأسطورية ذا بيتلز إنها تنتج أفلام ترويجيَّة قصيرة لأغانيها، لتنعرض على التلفزيون ضمن البرامج الموسيقية، مع تسجيلات لحفلات الفرقة.

الفيديو لهاي الأغنية كان كتير بسيط، يعني أبيض وأسود، مصوّر باستوديو صغير بلندن، وفيه، بنشوف أعضاء الفرقة الأربعة قاعدين على لوح خشب، وواحد منهم حامل شمسية. وبآخر الفيديو بينزل ثلج من السقف، وبتنتهي الأغنية. هيك بهاي البساطة.

فيه كثير فِرَق روك قلدت ذا بيتلز بعدين  بس ما كانوا واعيين لفكرة إنهم ابتكروا شيء جديد اسمه Music video.

حتى إنه شركة وارنر للتلفزيون، والي كانت قيمتها بالملايين بأواخر السبعينيات، رفضت فكرة إنه يكون فيه قناة بس بتعرض موسيقى ٢٤ ساعة. "شو يعني راديو مع صور؟"، هيك كان ردهم على مقترح لإنشاء قناة MTV.

بعد جدال طويل، وافقت إدارة الشركة، خصوصًا لما شافت إنه MTV رح تكون تكاليفها رخيصة، وشركات الإنتاج رح تزودهم بالأغاني بدون مقابل.

بشهر آب، ١٩٨١، بدأت قناة MTV بالبث، وعرضت أول أغنية كان اسمها: Video Killed the Radio Star.

 لقد قتل الفيديو نجمَ الإذاعة. كانت الأغنية بمثابة نبوءة، بتتوقع كيف هالقناة رح تغيّر الموسيقى كصناعة، للأبد، وتنهي نجوميَّة الإذاعة.

***

بالوطن العربي، بالتسعينيات، صارت صحون الدش/الساتلايت فوق سطوح بيوتنا، وصار عنا كجمهور، عشرات الخيارات لنتفرج على العالم، وبالنسبة للمستثمرين، كان التلفزيون فرصة ممتازة لجني الأرباح، ونشر الإعلانات… ومن وقتها، بلشت الاستثمارات بقنوات تلفزيونية خاصَّة، غير حكومية مثل ما تعودنا.

من هالقنوات روتانا، والي اشترى الأمير السعودي الوليد بن طلال رُبع أسهمها بالتسعينيات، وتملكها بشكل كامل بعد كم سنة.

 بمرحلة ما، كانت شركة روتانا بتتحكم بمعظم الإنتاجات الموسيقية العربية، يعني محتكرتهم،.. من إنتاج كاسيتات، وتوزيعها… بس زاد تأثيرها لمَّا بدأت قناة روتانا موسيقى، وروتانا كليب بالبث سنة الـ٢٠٠٣، وقتها كانت شركة روتانا متعاقدة حصريًّا مع أشهر ١٠٠ فنان عربي، واعتبر الأمير بن طلال قنوات روتانا طريقة ليجمع الفنانين بمكان واحد، "تحت السيطرة"، مثل ما قال بمقابلته مع الباحثة نعومي صقر.
 

كان فيه بروتانا كليب فكرة جهنمية، غير إنها بدأت عصر الفيديو كليب العربي بشكل رسمي، بعد فيديو هون وفيديو هناك، كان فيه بالشاشة تحت شريط رسائل، الجمهور يقدر يبعث رسائل SMS ليشوفوها كل المشاهدين التانيين، يعني رسائل مثل الموجودة بمجموعات الواتس آب الي بنحاول نتهرب منها هلا.

"صباح الخير يا أهل الخير، تحية للأهل في الأردن، ويسعدها أنوسة، وهكذا، شاب أعزب يرغب بالزواج من فتاة جميلة في الكويت..."

المهم، الربح المادي من ورا هالرسائل كان يغطي تكاليف القناة.

فبالـ٢٠٠٦، صار عدد القنوات العربية الي بتعتمد بشكل رئيسي على الفيديو كليب ورسائل الـSMS أكثر من خمسين قناة.

الصبية الي حاولت تخلصنا من عذاب الاستماع لتنويعات دانا دندن هي الآنسة بوبي، واحدة من  الشخصيات الخارقة بمقاطع "ميلودي تتحدى الملل" الكوميدية على قناة ميلودي. وهاي زي ما بتعرفوا قناة موسيقية شبابية، كمان أسسها رجل أعمال، مصري هالمرَّة، وامتلك معظم أسهمها نجيب ساويرس، الي وللصدفة كان كمان صاحب شركة اتصالات.

يعني ظهور هالقنوات ما كان بالضبط ثورة بصريَّة تلبيةً لما يطلبه المستمعون… كان ظهورها قصة بتثير تساؤلات عن رأس المال، والعولمة، والذوق العام… ومحاولة لنعرف، ما الذي يطلبه هالمستمعون؟

ومين عارف أصلًا؟

بداية الألفين، قاعدين هالمستمعون بأمان الله، بتطلع صبيّة مصريّة سمرا عالتلفزيون، ماشية بشارع ببدلة رقص ملوّنة ومذهّبة، وبترقص على أنغام أغنية  "إنت عارف ليه". طبعاً تمسمرت العيون عليها طويلاً وتأملت ملامحها العربية اللي مش محتاجة كتير ميك اب ولا زيادات، هيّ هيك، طبيعية وجميلة بنفس الوقت، … هيك لحد ما مرّت سنة وطلّت علينا من جديد بأغنية "ليه بيداري كده"، وهي بتتمرن، وبترفع أثقال، وبتوجه للكاميرا نظرة ثاقبة.

فيه سرّ ميّز روبي بهديك المرحلة، بين عشرات الفنانات الي تمّ تسميتهن بفنانات "الإغراء".

يمكن لأنّها أجمل، أو أقرب للجمهور العربي، ولأنها قدرت تطلع من الصورة النمطية لمغنيات الابتذال بسرعة، بأغاني مختلفة، وباتجاهها للتمثيل ونجاحها فيه.

فيه أسماء أخرى لمعت بوقتها كمان، مثل هيفاء وهبي، الي دخلت عالم الفيديو كليب كعارضة، ونانسي عجرم، ماريا، وأخريات. الفنانات، الشابات، كأنه تم تدريبهن للفيديو كليب بشكل خاص، بمهارات تتعدى الغناء للرقص والتمثيل وعرض الأزياء. 

بكثير من مقاطع الفيديو، كان يُطلب من الفنانات إنهن يكونن في وضعيات، أو لباس، يحفز المخيلة الجنسيَّة، بمخيال بصراحة تقليدي ممل شبيه بالأفلام الإباحية الكلاسيكية، وفيه ثيمات زي مربية الأطفال اللعوب، والمعلمة الجذابة.

في هذا النوع من الأغاني، بتكون كلمات الأغنية أقل قيمة من أي شيء ثاني. إنه ليش أغنية بتقول: العب العب العب، اه يا سيدي، لعيب حريف قوي، بتجيب ٤ مليون مشاهدة على اليوتيوب، غير كل الناس الي شافتها على التلفزيون، وأنا حافظة كلماتها والصور، بينما كل فكرتها تتمحور حول مراهِقة عم تاكل حلويات، أو تتحمم بالحليب.

هاي الفترة كمان أعطت مجال لمخرجين يتخصصوا بالفيديو كليب ويبدعوا، وكل حدا فيهم كان عنده بصمته الخاصة زي نادين لبكي، وليلى كنعان، ويحيى سعادة. جاد شويري مثلًا، مخرج "إلعب إلعب" وكثير أغاني ثانية، هو كمان مغني وملحن وشاعر وراقص. بالـ٢٠٠٩، عمل أغنية Funky Arabs.

ببداية الفيديو بتطلع جملة على الشاشة بالإنجليزي بتقول إنه كلّ الأشخاص المشاركين في هذا الفيديو عرب. بعدين بتبدا الموسيقى.

فيه ناس عم توصل على حفلة بسيارات فخمة عالآخر، وفيه حدا بيوصل على جمل، وبيمشوا على البساط الأحمر. بيقول جاد شويري بالأغنية: إحنا مش الي بتشوفوه على الأخبار، نحنا مش رح نفجر قنبلة، وبعدين بيقول للجمهور: هلا رح تعيشوا تجربة عربية موديرن. معاصرة.

بيأكد بالأغنية من خلال المشاهد والكلمات إنه عنا بنات جذابات، والشباب العرب ملوك الاحتفالات والحفلات، وإنه إحنا ممكن نعمل تاتو، وندخن، ونشرب، وعنا أراجيل، ورقاصات شرقي، وغربي، وواحد لابس كوفية، وواحدة لابسة مايوه، فتعالوا ارقصوا معنا للصبح.

بس رغم اتهام معظم هالإنتاجات بإنها هابطة، على الأقل فتحت تخيّل جديد للفيديو كليب، وإلّا كنا ضلينا علقانين مع فيديو كليب مثل "واني مارق مريت" لعاصي الحلاني.

٨ دقائق، بتضيع منهم أول دقيقة بانتظار عاصي للحبيبة في محطة حافلات على ما يبدو، لابس أسود بأسود بالليل، وبيتطلع على ساعته، وما بتيجي هالمحبوبة، الي بتلعب دورها زوجته بالمناسبة، ف بيبدأ عاصي يغني بالدقيقة الثانية، وبنرجع فلاش باك على كزدوراتهم سوا بالخمس دقائق اللي بعد هيك. 

هذا وهو "مارق ومريت"، كيف لو ناوي يطوّل.

كثير كُتبت مقالات بتنتقد موجة الغناء "الهابط" هاي، وبتقول إنها مجرد تقليد للغرب ولا تمثلنا، ورفعت معدلات الطلاق بالبيوت، وغيرت تعريف الجمال بالوطن العربي.

كانت كل الانتقادات من منطلق الحنين للماضي، وللطرب، ولصورة عن مجتمع محافظ تحت كنف الإذاعة.

مثلًا في البحرين سنة 2003، إحياءا نانسي عجرم لحفلة، أدى لمظاهرات بالشوارع، وإطارات مشتعلة، واشتباكات مع الشرطة، لما حاولوا المحتجين إنهم يغلقوا الطرق المؤدية للحفلة، ووقتها دعم المظاهرات أعضاء بالبرلمان البحريني بحجة إنه نانسي تفسد الناشئة… بس صارت الحفلة بالآخر بمكان بيوسع 5000 شخص، وبيعت تذاكر بقيمة 270 ألف دولار.

يومها نشرت صحيفة الشرق الأوسط مادة بعنوان: "نواب بحرينيون يعترفون بهزيمتهم أمام المطربة اللبنانية نانسي عجرم".

وسمّتها مقالات ثانية بإنها الصاروخ اللبناني الذي اخترق أجواء البحرين. يا لطيف.

ضلت البحرين مصدر توتر عند نانسي، بعد وقت قصير، لاقاها بالمطار مراسل لقناة روتانا، كانت نانسي عم تضحك وتمزح، إلى أنْ حكالها، ايه نانسي نرجع لحفلة البحرين. تغير لونها وقالت:

كثير من فنانات وفناني هالمرحلة اختفوا عن الساحة الفنية، توقفت ميلودي عن البث بالـ٢٠١٢، بعد سنوات من النجاح، ودعاوى قضائية ومشاكل مالية… وبتحسّ إنّه قصَّة الكينتوفون ذاتها تكرّرت مع الفيديو كليب العربي بسنين الـ٢٠٠٠. كانت التقنية مثيرة للدهشة بالبداية، وبعدين الجمهور ما عاد اكتفى بالدهشة الأولى، وصار بيحتاج محتوى أعمق، أهمّ، أو عالقليلة مختلف. فماتت التجربة بهدوء؟ 

ولا ما ماتت؟

الإيحاءات الجنسية بالفيديو كليب ما انتهت مع توقف ميلودي، أو تراجع شعبية القنوات الثانية، بالعكس. صار فيه فنانات أجرأ بكثير، منهن مريم كلينيك، ورولا يموت، المعروفة بأخت هيفاء وهبي.

الفرق هو تفاعل الجمهور الأقل بكثير، والرقابة المتزايدة، الي وصلت لحد احتجاز المغنية شيماء بتهمة خدش الحياء العام والتحريض على الفجور، بسبب فيديو كليب.

كثير محيِّر إنه السلطات نفسها الي سهلت إنشاء قنوات الفيديو كليب، وبالغالب انتفعت شخوصها من الأرباح، هلا صار عندها فهم ثاني للحفاظ على الذوق العام. وكثير محيّر إنه الأمير وليد بن طلال الي اشترى روتانا، برضو امتلك قناة الرسالة الإسلامية بنفس الوقت.

الأسئلة رح تضل هي هي، ويمكن تتعقد أكثر، بس الي تغيَّر حقيقةً هو التلفزيون، يمكن لازم تطلع أغنية على الإنترنت تقول: لقد قتل الانترنت نجم التلفزيون. لأنه الانترنت أتاح للفنانين مساحة جديدة تمامًا، بديلة، مش بحاجة فعليًا لرجل أعمال مليونير يقرر ما يطلبه المستمعون، أعطت مساحة لإنتاجات فيديو تجريبيَّة بعين ثانية، وإلها خصائص جماليَّة مختلفة تمامًا، كجزء من التمرد على الإنتاجات الموسيقية التجارية، وعلى الأقل مش متمحورة دائمًا حوالين الغزل، وجسد الفنانة وشبابها الدائم.

رح نوقف هون بهاي الحلقة، بس لسة باقي قصص كتير نحكيها بالحلقات الجاي عن موسيقى البوب، وغيرها من أنواع الموسيقى، الي كمان لعب "الفيديو كليب" دور كبير فيها.

هالحلقة بحثاً وكتابة للما رباح، تحرير وإنتاج صابرين طه، إخراج صوتي لتيسير قباني، وساهمت بتحريرها، وبرويلكم ياها أنا رنا داود. شارك بإنتاج هالموسم من دم تك فريق صوت: آية علي، مرام النبالي، جنى قزاز، ورمزي تسدل.

اشتركوا بقناة دم تك على أي وسيلة بودكاست بتفضّلوها. وتابعونا بالموسم الثاني.
 

 

رصيد الأغاني بترتيب ظهورها:

ترويدة شمالي، فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية

بالله تصبوا هالقهوة، سميرة توفيق

أغنية البودكاست: لما بدا يتثنى، شيرين أبو خضر، دوزان

Edison Kinetophone Sound Film  1913

ألف ليلة وليلة، أم كلثوم

مغناة الحصاد، فيروز والأخوين رحباني، من تسجيلات إذاعة دمشق، أكتوبر 1951

Help, The Beatles

Video killed the radio star, Buggles, 1979

أسعد وحدة، إليسا

أنت عارف ليه، روبي

ليه بيداري كدا، روبي

الواوا، هيفاء وهبة

إلعب إلعب، ماريا

Funky Arabs, Jad Choueiri

واني مارق مريت، عاصي الحلاني

عندي ظروف، شيما